«تدويل لبنان» على الطاولة.. ومواقف متعارضة
عودة خليجية إلى بيروت.. والفاتيكان تحذِّر: البلد سينهار

بيروت ــــ أنديرا مطر
استكمالاً لموقفه الداعي إلى حياد لبنان، أطلق البطريرك الماروني بشارة الراعي دعوة واضحة الى مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية الأمم المتحدة.
يتردّد مصطلح «التدويل» منذ فترة في الخطاب السياسي المعارض بسبب خطورة الأوضاع اللبنانية على كل الصعد، وسقوط الرهان على تسوية داخلية. وهذا ما حمل البطريرك على إطلاق «نداء الاستغاثة الأخير»، كما أسماه سياسي لبناني.
الراعي قال بوضوح إن لبنان يستوجب أن تُطرح قضيته في مؤتمر دولي خاص لحماية وحدته ودستوره ونظامه.
وبمعزل عن وصول هذا الطرح الى غايته فإن الانقسام السياسي حيال مؤتمر دولي سوف يتعمّق أكثر.
موقف «حزب الله» معروف من هذه الطروحات ويحذّر من عواقبها الوخيمة. وهو يعتبر أن مشاريع التدويل والحياد التي يطرحها البعض ستقابل بدفع جدي باتجاه تغيير النظام السياسي، لكونه لم يعد صالحاً.
على الضفة الأخرى، يتأرجح موقف الأحزاب والقوى المعارضة بين التأييد المطلق والتأييد المشروط؛ نظرا غلى عدم توافر الظروف الموضوعية لإنجاح هذا الطرح.
القبس استطلعت آراء بعض الأحزاب حول طرح البطريرك بشارة الراعي، وموقفهم من التدويل.
الحاجة إلى شرطين
أمين سر كتلة اللقاء الديموقراطي النيابية النائب الاشتراكي هادي أبو الحسن شدّد على أن الحزب الاشتراكي يتمسّك باتفاق الطائف، مؤكداً أن المطلوب اليوم هو تطبيق «الطائف» واحترام الدستور.
وفي تصريح لــ القبس، اعتبر أبو الحسن أن رئيس الجمهورية يتجاوز الدستور لحسابات فئوية، وربما شخصية لتأمين استمراريته، «وهذا ما أوقعنا في المأزق الراهن». وبالتالي، يحاول البعض، وفي مقدمهم البطريرك الراعي، كسر هذه الحلقة؛ بحثاً عن مخرج لأزماتنا المتشابكة.
وقال أبو الحسن إن اللقاء الديموقراطي يتطلع الى تطوير النظام، ولكن الأمر يحتاج عاملين اثنين؛ داخلي وخارجي:
فهو يفترض وجود توازن على المستوى الداخلي. الجميع يعلم ان لبنان يعيش تحت انعدام موازين القوى، بحيث يمارس «حزب الله»، مدعوماً من إيران، فائض قوته. وبالتالي، يستحيل التوصّل الى تسوية داخلية في ظل هذا المعطى.
ثانياً: يحتاج الطرح نضوجاً على المستوى الخارجي. إذ لا يجوز في لحظة اشتباك إقليمي دولي أن نبحث عن حل خارجياً.
وفق هذين العائقين يبقى الحل الأسهل بالعودة إلى الدستور والعمل من روحيته، وفق أبوالحسن. فعندما يتحقّق التوازن الداخلي، وتنضج الظروف الخارجية لمؤتمر دولي، فنحن جاهزون، بشرط أن يكون العرب، الذين وقفوا مع لبنان في أسوأ الظروف الحاضر الأكبر، في هذا المؤتمر.
«القوات»: دعم وتأييد
أمين سر حزب القوات اللبنانية، الدكتور فادي كرم، عبّر عن تأييد «القوات» المطلق لمبادرة البطريرك الراعي.
وفي تصريح لــ القبس، أكد كرم أن كل الحلول الداخلية سقطت بوجود سلطة تعارض أي مشروع إصلاحي، وترفض إعادة انتاج سلطة تمثل الشعب. وها هي تهرب إلى مبدأ القمع والتصفيات ومحاولة إلغاء الصوت المعارض. لهذه الأسباب كلها، مترافقة مع ضعط اجتماعي هائل على الشعب الذي يشعر بأنه يتيم، أطلق البطريرك دعوته.
وعما إذا كان الطرح سيجد استجابة دولية، لفت كرم الى ان أي مطلب لبناني إنقاذي سيصطدم بمعارضة الفريق الحاكم. وهذا الانقسام يسري على كل الملفات؛ لهذا تطالب «القوات» بانتخابات نيابية تفرز أكثرية جديدة تقرر أي مسلك ستسلكه البلاد.
الحل داخلي
التيار الوطني الحر المعني الأول بـ«فكفكة العقد» من الملف الحكومي، توجّه وفد منه إلى بكركي للقاء البطريرك غداة دعوته لمؤتمر دولي. وقد غاب عن الوفد رئيس التيار النائب جبران باسيل.
وفي تعبير ضمني عن رفض دعوة الراعي، قال النائب السابق منصور بطيش ان «الحلول يجب أن تأتي من الداخل والعيش المشترك يتطلب أن نتعاون للوصول الى هذه الحلول»، مؤكدا حرص عون على تشكيل الحكومة في أسرع وقت، داعياً الرئيس المكلف أن يقصد بعبدا ويتشاور مع عون.
حركة دولية
ومواكبة لدعوة البطريرك إلى مؤتمر دولي، ثمة إشارات تنبئ بكسر الجمود في المشهد السياسي. أمس، عاد السفير السعودي وليد البخاري إلى لبنان. وزير خارجية قطر يزور بيروت اليوم للقاء الرؤساء الثلاثة. الرئيس الفرنسي يكثّف من تحركاته ويستعد لزيارة دولة الإمارات والسعودية الأسبوع المقبل. وتنقل مصادر مطلعة ان مسؤولاً فرنسياً يزور بيروت في الأيام المقبلة. في حين يفترض أن يزرو الحريري باريس. كل هذه التحركات، ومن دون الإفراط في التفاؤل بخواتيمها، لكنها تظهر أن هناك إصراراً على استكمال محاولات إنقاذ هذا البلد.
وفي الإطار، تمنى البابا فرنسيس ــــ أثناء لقائه اعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الكرسي الرسولي ــــ أن «يشهد لبنان التزاماً سياسياً، وطنياً ودولياً، يساهم في تعزيز الاستقرار في بلد، يواجه خطر فقدان هويته الوطنية والانغماس داخل التوتّرات الإقليمية».