تحليلات

تحرُّك قطري تجاه لبنان.. أقل من مبادرة وأكثر من دور

وزير الخارجية محمد بن عبدالرحمن آل ثاني: ندعم أي مسار لتشكيل الحكومة

بيروت – أنديرا مطر

مع عودة الاهتمامَين العربي والدولي إلى لبنان؛ بهدف الدفع باتجاه تشكيل حكومة، صدر موقف لافت في توقيته لرئيس الجمهورية ميشال عون في ما يخصّ عملية التأليف، ما يؤشّر إلى مراوحة محلية في هذا الملف.

ومن بيروت، دعا وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن، جميع الأطراف اللبنانية إلى تغليب المصلحة الوطنية، والتعجيل بتشكيل الحكومة، مؤكداً أن الدوحة ستدعم أي سبيل يؤدي إلى ذلك. ونفى الوزير القطري أي مسعى لعقد مؤتمر دوحة 2. وقال: «اللبنانيون مرحَّب بهم دائماً، ولكن حالياً لا وجود لأي توجّه من هذا النوع، ونأمل أن يخرج الحلُّ من بيروت».

الوزير القطري كان حاسماً في أنه لا يحمل أي مبادرة بشأن مؤتمر حواري يجمع الأطراف اللبنانية، ولكن هذا لا ينفي رغبة قطرية في استعادة دور لها بلبنان. مصدر إعلامي كشف لــ القبس أن الوزير القطري استفسر من الرئيس عون عن سبب التأخير في تشكيل الحكومة، فعزا الأخير السبب إلى عدم مراعاة المعايير الدستورية والشراكة في التأليف بينه وبين الرئيس المكلف، ما دفع الضيف القطري لإبداء استعداد بلاده لتقديم مساهمة في حلحلة العقد.

وأضاف المصدر: «صحيح أن المسؤول القطري لم يطرح عقد مؤتمر لبناني في قطر، وإنما كان يجسّ النبض لاكتشاف مدى استعداد المسؤولين اللبنانيين للذهاب مرة أخرى إلى الدوحة».

وعما إذا كان التحرُّك القطري يهدف إلى نسف المبادرة الفرنسية، قال: «لا علاقة للتحرّك القطري بنسف المبادرة الفرنسية، بل على العكس إنه دور مكمّل». علماً بأن زيارته تأتي في وقت رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري موجود في باريس.

المسؤول القطري أكد أن بلاده جاهزة لمساعدة اللبنانيين للخروج من أزمتهم، وتوفير كل ما يلزم لذلك، معتبراً أن المدخل لحلّ كل هذه الأزمات هو تشكيل حكومة، وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح السياسية؛ لتتمكن الحكومة من البحث مع الجهات الصديقة، للحصول على المساعدة، وفق برامج اقتصادية معروفة.

حق دستوري.. لا «تنازلات»

وقبيل لقاء الرئيس عون نائبَ رئيس الوزراء القطري، وعلى بعد ساعات من وصول الموفد الفرنسي باتريك دوريل إلى بيروت، صدر بيان عن رئاسة الجمهورية ورد فيه «أن بعض السياسيين والإعلاميين يستعملون عبارات «تنازلات» ينبغي أن يقدمها الرئيس في معرض الحديث عن مخارج لتشكيل الحكومة العتيدة. والصحيح أن ما يسمى «تنازلات» هو في الواقع حقوق دستورية، يحرص رئيس الجمهورية على المحافظة عليها، والمناداة بتحقيقها».

البيان الرئاسي واضح. الرئيس عون لا يزال مُصرّاً على شروطه لتأليف الحكومة، وهو بذلك أراد توجيه رسالة سياسية إلى حلفائه، كما إلى الجهات الدولية العاملة على خط الملف اللبناني، وإلى البطريرك الراعي نفسه الذي سبق أن طالب عون والحريري بتقديم تنازلات، بأنه لن «يقدّم تنازلات: تمسّ صلاحياته الدستورية».

وسبق للرئاسة اللبنانية أن أصدرت بيانين، نفت فيهما ما يُتداول بشأن مطالبة عون بـ«الثلث المعطّل»، إلا أن الإشارة للمرة الأولى إلى «تنازلات»، أتت ــــ وفق مصادر مطلعة ــــ بسبب معلومات وصلت إلى الفريق الرئاسي، بأن توسيع الحكومة إلى عشرين وزيراً، بما يعني منح الثلث المعطّل لعون، لم يعد أمراً مقبولاً بالنسبة إلى جهات محلية، بمن في ذلك «حزب الله»، وكذلك بالنسبة إلى القوى الغربية.

الراعي: لبنان يحتاج دوراً دوليّاً

توازياً مع حركة الموفدين إلى لبنان، جدَّد البطريرك الماروني بشارة الراعي موقفه من ضرورة عقد مؤتمر دولي لحماية لبنان، وطرح ملف الحياد والسلاح على طاولة البحث. ولفت الراعي إلى أنّ «لبنان يحتاج اليوم دوراً دوليّاً حازماً وصارماً، يطبِّق القرارات السابقة من دون استثناء واجتزاء، حتى لو استدعى الأمر إصدار قرارات جديدة». وأضاف الراعي: «كلّما أسرعنا في هذا المسار، جاء الحل في إطار وحدة لبنان وشراكتِه السامية، وكلما تأخّرنا تاهَ الحلُّ في غياهبِ العنف والانقسامِ، من دون رادعٍ وكابِحٍ، وما من منتصر».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى