ما هي آفاق إعادة الإعمار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟

علي حمدان –
مع تكاثر الحديث عن إمكانية انحسار الأزمات المتفاقمة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كسوريا والعراق وليبيا واليمن، تبرز تحديات إعادة الإعمار وإدارة مرحلة ما بعد الأزمة.
بالإضافة إلى توفر الموارد الاقتصادية والمالية الضرورية للتمكن من النهوض بالبلاد، تلعب ظروف انتهاء الأزمة، والعملية السياسية الناتجة عنها والأطراف المرتبطة بها، وما تبقى من مؤسسات دولة وعلاقات خارجية، أدواراً أساسية في الترميم العام المستدام والمتكامل، بحسب كارنيغي ميدل إيست.
تفكك الدول وعدم تمكنها من السيطرة على كافة أرجاء البلاد عقب الحروب التي شهدتها كل من سوريا، العراق، اليمن وليبيا أفضى إلى إعاقة تدفق الدعم الإنساني إليها، وهو ما يؤدي إلى ابتعاد المستثمرين والأطراف الدولية المانحة، خاصة اذا استمر الوضع على ما هو عليه.
ومن شأن سيطرة الطبقات السياسية نفسها على حكم هذه الدول بعد الخروج من نفق الاقتتال، أن يؤدي إلى تقويض إعادة الإعمار والنهوض جراء استمرار الفساد والحوكمة الغير شفافة.
سوريا
الانقسامات السياسية الحادة في سوريا وتعدد الأطراف المسيطرة على أراضيها، يعيق إمكانية استفادتها من القروض الدولية، فالدول المانحة كالولايات المتحدة الأميركية والإتحاد الأوروبي والدول العربية لن تبادر الى تمويل إعادة الإعمار فيها في ظل تفككها وغياب الحل السياسي، وما فرض واشنطن للعقوبات على النظام السوري والتي يحرم بموجبها من الحصول على الأموال من جهات خارجية إلا دليل على ذلك.
من جهةٍ أخرى، لطالما تمتعت سوريا بقطاع خاص نشط ومزدهر خلال أعوام ما قبل الحرب، إلا أن الكثير من أصحاب الاستثمارات والمصانع والشركات فروا بأموالهم إلى دول مجاورة ولن يتمكنوا من العودة للعمل مجدداً في سوريا مفككة ومنهكة، ناهيك عن أولوية النظام الحاكم في سوريا المتمثلة ببقائه لا بعودة الحياة والازدهار إلى البلاد، وعليه لا يبدو الرئيس السوري مهتماً بعودة مواطنيه من الشتات وإعادة إعمار ما تم تدميره على حساب بقائه في السلطة.
ليبيا
بالرغم من تمتع ليبيا بثرواتٍ نفطية هائلة، يتعذر على طرابلس الغرب المباشرة بإعادة الإعمار، خاصة مع عدم تمكن الفصائل السياسية فيها من تشكيل حكومة منذ سقوط نظام القذافي في العام 2011 وانقسام البلاد بين غرب تسيطر عليه حكومة وفاق وطني وشرق يسيطر عليه ما يسمى بجيش ليبيا الوطني وجنوب خارج عن سلطة الطرفين، مما شرع الأبواب أمام التدخلات الإقليمية والدولية في الساحة الليبية وعرقلة إعادة الانتظام إلى الحياة السياسية وبالتالي إعادة الإعمار.
سوف ترخي الانقسامات الحالية بظلالها على النهوض بليبيا بعد انتهاء الأزمة، كما سيؤدي افتقار البلد الشمال إفريقي إلى اقتصاد متعدد الموارد، واعتمادها منذ سنوات حكم القذافي على العائدات النفطية فقط، إلى ازدهار بطيء للغاية.
العراق
بالرغم من التوترات السياسية التي يشهدها العراق نتيجة الاشتباك الأميركي-الإيراني على أرضه، والذي تجلى بعدة أوجه أبرزها اغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني في يناير الماضي، فإن تمكن بلاد الرافدين من دحر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، ونجاحها في إجراء انتخابات ومحافظتها على الحد الأدنى من مقومات الحياة السياسية الصحية، يبعث الأمل بإعادة إعمارها والنهوض باقتصادها، لا سيما مع الثروة النفطية الكبيرة التي تمتلكها، والتي يمكن استثمارها لوضع البلاد مجدداً على سكة الإنماء.