مؤشرات خطيرة.. هل توجه أميركا ضربة لإيران؟

خالد جان سيز –
سادت المنطقة مؤشرات خطيرة تشي باحتمال توجيه الولايات المتحدة ضربة مفاجئة لإيران، قبيل رحيل إدارة الرئيس دونالد ترامب، وذلك في ظلّ التصعيد الأميركي الإسرائيلي ضد إيران، إثر اغتيال العالم النووي البارز محسن فخري زادة، واقتراب الذكرى السنوية الأولى لاغتيال القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني.
تلاحقت زيارة المسؤولين الأميركيين إلى المنطقة، طارحة تساؤلات حول نوايا واشنطن تجاه إيران، وكانت أحدث زيارة لرئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارك ميلي، الذي وصل، الخميس، إلى إسرائيل، والتقى، الجمعة، رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، بحضور رئيس الأركان أفيف كوخافي، حيث اطلع على تقرير للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية حول التهديد الذي يمثله التمركز الإيراني في المنطقة، وبحث التعاون العسكري بين الجيشين الإسرائيلي والأميركي و«الفرص التي تكمن حالياً في المنطقة».
وخلال اللقاء، أكد نتانياهو أنه لا مجال لأي اتفاق مع إيران طالما أنها تسعى لامتلاك سلاح نووي، بينما قال غانتس إن الجيش الإسرائيلي مستعد لأي عملية عسكرية أميركية ضد إيران.
كما التقى ميلي وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، وناقشا «التحديات والتغيرات الأخيرة في الوضع العملياتي بالشرق الأوسط والملف الإيراني».
وقال غانتس إن الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط يعتبر ركيزة لاستقرار المنطقة، وأكد أن الجيش الإسرائيلي على أهبة الاستعداد لمشاركة الجيش الأميركي أي تحرك عسكري ضد طهران. وأضاف غانتس: «سنعمل معاً (مع الولايات المتحدة) في مواجهة أي سيناريو على الجبهة الإيرانية، ومواجهة التهديدات المشتركة من أجل الحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط مع حلفائنا». وشدد على أهمية استمرار الضغط على طهران.
وهذا هو الاجتماع الثاني لنتانياهو مع مسؤول أمني أميركي رفيع هذ الأسبوع، حيث التقى، الأحد الماضي، مستشار الأمن القومي روبرت أوبريان، الذي بحث حينها مع نتانياهو ومسؤولين آخرين القضايا الإقليمية والمخاوف الأمنية المشتركة، والتهديدات الإيرانية في الشرق الأوسط.
وخلال اللقاء، دعا نتانياهو إلى تشكيل جبهة واحدة لمكافحة التهديد الإيراني. وقال: «بقيادة الرئيس ترامب، تعمل الولايات المتحدة وإسرائيل بتعاون أوثق من أي وقت مضى.. علينا تشكيل جبهة واحدة في سبيل مكافحة التهديد الإيراني». وأردف: «إذا فشلنا في إيقافها (إيران) عند حدها، فستمتلك غداً الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والمزودة بالرؤوس الحربية النووية القادرة على ضرب أوروبا وأميركا، حيث ستصبح البلطجي العالمي وستمثّل خطراً على الجميع».
وفي 25 نوفمبر الماضي، كشف موقع «واللا» العبري أن الجيش الإسرائيلي تلقى تعليمات بالاستعداد لسيناريو هجوم أميركي على إيران، قبل انتهاء ولاية ترامب.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، كشفت صحيفة «هآرتس» العبرية عن رفع مستوى التنسيق بين الجيشين الإسرائيلي والأميركي، تحسّباً لانتقام إيراني من اغتيال فخري زادة.
ورأى مراقبون أن احتمال الضربة يزداد مع القرار الأخير للقائم بأعمال وزير الدفاع الاميركي كريستوفر ميلر، الذي أمر مسؤولي البنتاغون بوقف التعاون مع الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب جو بايدن، موضحين أن إدارة ترامب ربما تخطط لخطوة لا تريد إبلاغ بايدن بها.
وذكر موقع «أكسيوس» الأميركي أن ميلر أمر بوقف التعاون والاجتماعات وإرسال الإحاطات للإدارة الجديدة.
وعيّن ترامب ميلر وغيره من الموالين له في المناصب العليا بوزارة الدفاع في أدوار التمثيل بعد إقالة وزير الدفاع مارك إسبر الشهر الماضي.
وقال يوهانس أبراهام، الناطق باسم بايدن: «كنا قلقين لمعرفة أسباب التوقف المفاجئ» في التعاون، مضيفاً: «هذه الخطوة تعكس مقاومة في بعض الأوساط، بما في ذلك من المعيّنين السياسيين داخل وزارة الدفاع».
وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية كشفت النقاب عن اعتزام إيران تركيب أجهزة طرد مركزي متطورة في منشأة نطنز النووية، في انتهاك جديد للاتفاق النووي. وقال المدير العام للوكالة رافائيل غروسي إن إحياء الاتفاق النووي الإيراني في عهد بايدن سيتطلب إبرام اتفاق جديد يحدد كيفية تراجع طهران عما قامت به من انتهاكات لبنوده.
وتأتي دعوة غروسي بعد إعلان بريطانيا وألمانيا أيضاً ضرورة إنجاز بروتوكول أو اتفاق أو تفاهم أو وثيقة ملحقة للاتفاق النووي، مشيرتَين الى أن ذلك الاتفاق ينبغي توسيعه ليشمل برنامج الصواريخ البالستية لإيران وتدخلات ميليشياتها في المنطقة.
«النووي».. توسيعه ببروتوكول أو اتفاق جديد
مع اقتراب تسلُّم الرئيس الأميركي المنتخَب جو بايدن الحكم في 20 يناير المقبل، تتواصل التحضيرات للتعامل مع الاتفاق النووي الإيراني، وسط رسائل متبادلة بين طهران والمجتمع الدولي.
ويبدو حتى الآن أن هناك مزاجاً دولياً لعقد اتفاق جديد، أو على الأقل توسيع الاتفاق السابق؛ وذلك لأسباب عدة، أولها:
1 – التغيّرات التي طرأت على المنطقة منذ 2015 حتى الآن.
2 – عدم تضمين الاتفاق النووي بنوداً تكبح برنامج إيران الصاروخي وتدخّلات ميليشياتها في المنطقة.
3 – سلسلة العقوبات المتلاحقة التي تفرضها إدارة دونالد ترامب قبيل رحيلها، التي يرى فيها مراقبون تعقيداً لعودة إدارة بايدن إلى الاتفاق النووي.
وفي هذا السياق، حذّر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بايدن من العودة إلى الاتفاق النووي، مبينا أن الظروف تغيّرت جذرياً في الشرق الأوسط منذ إبرام هذه الصفقة في عام 2015. وعبّر عن قلقه إزاء المرشحين لتولي المناصب الرئيسة في إدارة بايدن المستقبلية، مندداً بسياسات إدارة الرئيس السابق باراك أوباما تجاه طهران.
وبدأت ملامح الموقف الدولي المطالب باتفاق جديد مع طهران تتضح شيئاً فشيئاً؛ فبعد أن أكد بايدن ضرورة بحث البرنامج الصاروخي لإيران وتدخلاتها في المنطقة في أي تفاوض مقبل، لحقت به ألمانيا وبريطانيا، مشيرتين إلى أن الاتفاق السابق لم يعد يلبّي الحاجة، وكان آخر من شدد على هذه الرؤية رافائيل غروسي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث أفاد بأن إحياء الاتفاق النووي سيتطلب إبرام اتفاق جديد.
في المقابل، رد سفير إيران، الممثل الدائم لها لدى الأمم المتحدة في فيينا كاظم غريب عبادي على طلب غروسي بالقول إن إحياء الاتفاق النووي لا يتطلب وثيقة منفصلة، مردفاً: «ليس من الضروري تعقيد الوضع». وفي ما اعتُبر من قبل مراقبين تراجعاً عن مرونة سابقة، أصدر المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي عبر حسابه على موقع «تويتر» توضيحاً لتصريح سابق له، دعا فيه إلى استغلال أي فرصة لرفع العقوبات الأميركية وعدم تأخير ذلك ولو ساعة واحدة.
وورد في التوضيح أنه جرى تحريف مضمون تصريح خامنئي، مبيناً أنه «ركّز على إفشال العقوبات وليس التفاوض».
رسائل جدية من واشنطن إلى طهران
اعتبر مراقبون أن أميركا أرسلت إلى طهران رسائل جدية واضحة لدى إرسالها القاذفات الأميركية «بي – 52» للمرة الثانية في أسابيع قليلة، للتحليق قرب الأجواء الإيرانية، في ما بدا بمنزلة رسالة تحذير من شن إيران أو وكلائها عملية تستهدف الأميركيين أو حلفاءهم في المنطقة.
وكانت الولايات المتحدة أرسلت حاملة الطائرات «أبراهام لنكولن» ومجموعتها القتالية الكاملة إلى الخليج، فضلاً عن نشر بطاريات «باتريوت» الصاروخية لردع الصواريخ الإيرانية. ونشرت حاملة الطائرات «نيميتز» في الخليج، قبل أيام من مقتل فخري زادة.