
خالد جان سيز-
في انتهاك آخر للاتفاق النووي، شرعت إيران في إنتاج اليورانيوم المعدني، حيث أكد رافائيل غروسي رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية ذلك، وقال إنها أنتجت كمية صغيرة من اليورانيوم المعدني تبلغ 3.6 غرامات في 8 فبراير الجاري، بعد حصولها على معدات جديدة، زودت بها أحد مواقعها النووية في أصفهان، الخاضع لتفتيش الوكالة.
ومع أنّ هذا التطوّر ليس مفاجئاً، إذ سبق أن أعلنت إيران في منتصف يناير مضيّها قدماً في هذا التوجّه، فإنّه يكتسي حساسية كبيرة، لأنّ معدن اليورانيوم يمكن أن يستخدم في إنتاج أسلحة نووية.
ويحظر الاتفاق على إيران إنتاج اليورانيوم، كضمان على أنها لا تسعى إلى تصنيع سلاح نووي، في حين تدفع إيران بأنها تنتجه لأغراض البحث العلمي.
الناطق باسم وزارة الخارجية نيد برايس قال إن سلوك إيران في الأسابيع والأشهر الأخيرة يظهر ابتعادها عن الاتفاق النووي، داعياً إياها إلى العودة إلى الامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي.
وأضاف برايس أن الإجراءات المحتملة لإيران في إنتاج اليورانيوم المعدني، وسلوك طهران الأخير بشكل عام، هما خطوة تتخذها إيران «لتبتعد عن الاتفاق النووي»، وهذا يجعل التعاملات الحالية للحكومة الأميركية مع حلفائها والكونغرس بشأن إيران أكثر ضرورة.
وأضاف: «نريد أن تعود طهران إلى التزامها الكامل بالاتفاق النووي، لأن هذا الإجراء يفتح الطريق أمام الدبلوماسية، حتى نتمكن من اتخاذ حل دبلوماسي لهذا التحدي الفوري».
«الخارجية» الفرنسية قالت إن فرنسا تدعو إيران للامتناع عن أي إجراءات قد تزيد الموقف النووي تدهوراً، وتضر بفرصة الدبلوماسية.
لهجة روسية متشددة
من جهة أخرى، قال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي إن بدء إنتاج معدن اليورانيوم في إيران لا يقدم تفاؤلاً على الوضع حول الاتفاق النووي، مطالباً طهران بضبط النفس والمسؤولية تجاه خطة العمل الشاملة بعد بدئها إنتاج معدن اليورانيوم.
وأضاف ريابكوف: «نتفهم المنطق الذي يكمن وراء أفعالهم والأسباب التي تدفع إيران إلى القيام بذلك. لكن من الضروري البرهنة على ضبط للنفس ونهج مسؤول. نتوقع التوصل لحل وسط بشأن عودة طهران إلى الاتفاق النووي قبل موعد 21 فبراير لتجنب التصعيد. ونستبعد إمكانية رفع العقوبات الأميركية عن إيران دفعة واحدة، ويجب عدم التأخر في الأمر».
ودعا ريابكوف الشركاء الأميركيين والأوروبيين إلى التصرف بشجاعة وتنفيذ الاتفاق النووي، مضيفاً: «نحن واثقون من أن إيران ستلتزم بجميع تعهداتها».
ويرى مراقبون أن هذه اللهجة الروسية التي يبدو أنها تمثّل ضغطاً على إيران، وغزلاً للدول الأوروبية، ربما تعكس بداية تحوّل في موقف موسكو إزاء الاتفاق النووي، فقبل أيام أرسل المرشد الإيراني علي خامنئي رسالة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كشفت مصادر لـ القبس أنها تتعلق بانسحاب إيران من البروتوكول الإضافي للاتفاق النووي، وتأتي تصريحات ريابكوف لتطرح تساؤلاً حول ما إذا كانت موسكو رفضت الاقتراح الإيراني، وأبدت تشددا مع طهران برز عبر التصريحات الأخيرة، ما يدعو إلى التفكير في إمكانية حصول تقارب بين الكرملين وبروكسل، بعد تسوية الخلاف بشأن المعارض الروسي أليكسي نافالني.
سياسة ثابتة
من جهته، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن بلاده تشهد تغيرا في تصريحات الإدارة الأميركية الجديدة فقط وليس في سياستها، وطالبها بالتراجع عن سياسات الإدارة السابقة. وتابع: «لم نشهد حتى الآن أي خطوات حسن نية من إدارة بايدن»، معتبرا أنه إذا كانت هذه الإدارة صادقة في شعاراتها فعليها التراجع عن سياسات الحرب الاقتصادية التي اتبعتها إدارة دونالد ترامب ضد إيران.
بدوره، قال وزير الخارجية محمد جواد ظريف إن أمام إدارة بايدن فرصة، لكنها محدودة، لاتخاذ مسار سياسي جديد بشأن إيران، مضيفاً ان 7 رؤساء أميركيين خسروا رهانهم في إجبار إيران على الانهيار. وأضاف: «قبل 42 عاما انتصر شعبنا في ثورة عظيمة على عكس الانتفاضات المماثلة في تاريخ العالم، نجحت ثورتنا من دون الاعتماد على أي قوى خارجية أو قيادة أي جماعة مسلحة». وتابع قائلا: «لقد قطعنا شوطا كبيرا منذ ذلك الحين ونحن لا نلين في السعي لتحقيق مثلنا العليا». وأردف: «لقد حققنا هذا كله في الوقت الذي كنا فيه أمام أطول حملة إرهاب اقتصادي واوسعها في التاريخ الحديث، لقد راهن دونالد ترامب على أسطورة أن إيران دولة يمكن اجبارها على الاختيار بين الانهيار والسلام».
وأفد ظريف بأن بلاده ستوسع برنامجها النووي وتخفض مستوى تعاونها مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ نتيجة عدم التزام الولايات المتحدة والدول الأوروبية بالاتفاق النووي. وتابع «هذه الإجراءات تأتي في إطار الاتفاق النووي، ويمكن تجنبها إذا قررت الولايات المتحدة التعلم من فشل سياسة ترامب بدل الاعتماد عليه».
مناورات برية
إلى ذلك، انطلقت مناورات «الرسول الأعظم 16» البرية في منطقة جنوب غرب إيران تزامناً مع الذكرى السنوية الـ 42 لانتصار الثورة الإسلامية.
وبدأت قوات الحرس تدريبات للقوات البرية قرب الحدود العراقية، حسب ما أورد تقرير للتلفزيون الرسمي.
وقال التقرير إن التدريبات السنوية التي يطلق عليها اسم «الرسول الأعظم» مستمرة في جنوب غربي البلاد وتهدف إلى الاستعداد وتقييم القوات، بمشاركة طائرات بدون طيار ومروحيات.
وزادت إيران في الأشهر الأخيرة من تدريباتها العسكرية حيث تحاول الضغط على الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن الاتفاق النووي، الذي قال إن الولايات المتحدة يمكن أن تدخله من جديد.