تحليلات

هل ترجئ أميركا انسحابها من أفغانستان في مايو؟

علي حمدان –

لا يتخطى عدد الجنود الأميركيين في أفغانستان حالياً 2500 جندياً، بعد أن لامس عدد هؤلاء 100 ألف في العام 2011، ويتحتم على الولايات المتحدة سحب عناصرها بحلول الأول من مايو المقبل بموجب الاتفاقية الموقعة من قبل طالبان وإدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في فبراير 2020.

تقوم بعض الفرق العسكرية الأميركية بتنفيذ عمليات أمنية مشتركة مع القوات الأفغانية ضد مجموعات إرهابية متطرفة كالقاعدة وداعش وغيرها، فيما تعمل الفرق الأخرى على مهام تدريبية وإستشارية ومساعدة القوى الأمنية الأفغانية بناءً على اتفاقية مبرمة مع حلف شمال الأطلسي.

في الوقت الذي يلامس عديد القوات الأجنبية الغير أميركية الثمانية آلاف على الأراضي الأفغانية، تلعب القوات الأميركية دوراً مركزياً في كابول بالرغم من تضاؤل حجمها، فهي تقدم الخدمات الإستخباراتية ودعم قواتها الجوية للجيش الأفغاني، كما تمول الحكومة بحوالي الخمسة مليار دولار سنوياً، أي ما يوازي 80% من ميزانية أفغانستان الأمنية، بحسب موقع ديفينس وان للأبحاث والدراسات الدفاعية الأميركي.

تصريحات الناطق الرسمي بإسم البنتاغون جون كيربي في أواخر يناير الماضي، والتي أشار فيها إلى عدم التزام طالبان ببنود اتفاقية الإنسحاب الموقعة مع البيت الأبيض، أثارت الشكوك حول عدم سحب واشنطن لقواتها العسكرية من كابول في الأول من مايو، حيث يرجح موقع ديفينس وان بأن القرار النهائي حيال الانسحاب لم يتخذ بعد.

تنص المعاهدة الأميركية الموقعة مع طالبان على انسحاب القوات المسلحة التابعة لواشنطن من أفغانستان، بعد قطع طالبان لعلاقاتها مع التنظيمات الإرهابية العالمية، وإحجامها عن شن هجمات على الأراضي الأفغانية، وعدم المساس بأمن الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها.

وبحسب مجموعة أفغانستان للدراسات الممولة من قبل معهد الولايات المتحدة للسلام، فإن طالبان وعدت واشنطن خلال المفاوضات بعدم التعرض للقوات الدولية المتواجدة في كابول، وعدم مهاجمة المدن الأفغانية الكبيرة وغيرها من الأهداف الحساسة والإستراتيجية، إلا أنها تنصلت من التزامها الواضح والصريح بتجميد الإتصال مع القاعدة، وبناءً على تقارير صادرة عن منظمة الأمم المتحدة، فإن العلاقات ما بين التنظيمين باتت أقرب من أي وقت مضى، في هذا الوقت، جمدت طالبان استهدافها للقوات الأميركية مقابل تصعيد هجماتها ضد المؤسسات الأمنية الأفغانية والمدنيين.

خيارات بايدن 

في ضوء هذا يجد الرئيس الأميركي نفسه أمام خياراتٍ ثلاثة:

– سحب قواته بحلول مايو المقبل كما تنص الاتفاقية الموقعة مع إدارة سلفه.

– عدم التزامه ببنود الاتفاقية، وبالتالي إبقاء قواته في كابول بحجة مخالفة طالبان لبنود الاتفاق المبرم بينهما.

– التنسيق مع طالبان لتمديد فترة مكوث قواته في البلاد، على خلفية انتهاكها للبنود المتفق عليها وتأخيرها لمحادثات السلام مع الحكومة الأفغانية وقواتها المسلحة.

تنقل تقارير مجموعة أفغانستان للدراسات عن طالبان، نيتها استئناف ما تسميه جهادها ضد القوات الأجنبية على الأراضي الأفغانية في حال عدم انسحابها والتزامها ببنود اتفاقية الدوحة، وترى المجموعة بأن انسحاب القوات الأميركية في مايو المقبل وفي ظل الظروف الراهنة سيؤدي إلى انهيار مؤسسات الدولة في أفغانستان، وربما تجدد الحرب الأهلية فيها، مما سيمهد الطريق أمام عودة التهديدات الإرهابية للأمن القومي الأميركي خلال عامين أو ثلاثة على الأغلب.

في هذا السياق، يرجح خبراء عسكريون أميركيون استبعاد بايدن للخيارين الأولين، وسعيه لإقناع طالبان على تمديد مهمة القوات الأميركية مستعيناً بمساعدة دول كالصين، باكستان، روسيا، الدوحة وغيرها من الدول الغربية والعربية من أجل الضغط على التنظيم والحؤول دون انهيار الأوضاع، وفي حال عدم تجاوب طالبان ستجد إدارة بايدن نفسها أمام خيارين أحلاهما مر؛ إما الإنسحاب والدفع بأفغانستان نحو الانهيار والحرب الأهلية مجدداً، أو البقاء فيها إلى أجل غير مسمى.

بقاء الوحدات العسكرية الأميركية سيثير حفيظة طالبان التي قد تبادر إلى اتهام واشنطن بعدم الالتزام ببنود اتفاقية الدوحة وبالتالي استهداف عناصرها مجدداً، من أجل تقليب الرأي العام الغربي والأميركي وإجبارها على الرحيل، لكن فشل طالبان في ذلك قد يؤدي إلى عودتها مرغمة إلى طاولة المفاوضات ومحاولة التوصل إلى أرضية مشتركة مع الحكومة الأفغانية والقوات المسلحة الرسمية، وهو مراد الولايات المتحدة الأميركية والغرب وكل الأطراف الداعمة لعودة الاستقرار إلى أفغانستان، وبالتالي وقف نمو الجماعات المتطرفة وتصديرها الى الخارج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى