لبنان بين الدعم العربي لمبادرة ماكرون.. والاستعصاء الداخلي

علي حمدان –
في الوقت الذي ينتظر فيه اللبنانيون بفارغ الصبر تحقيق خرق ما وتسريع عملية تأليف الحكومة المتعثرة، برز دعم دول عربية عدة للمبادرة الفرنسية الإنقاذية.
يعتبر الدعم العربي مهماً لتحريك المياه الراكدة وتفعيل المبادرة الرامية إلى تشكيل حكومة أخصائيين غير حزبيين تعمل على إخراج لبنان من كارثته المتعددة الأوجه من خلال إقرارها لإصلاحات تكبح جماح الإنهيار الإقتصادي الذي أفقد الليرة اللبنانية أكثر من 80% من قيمتها منذ العام 2019 وحتى الآن ودفع بأكثر من نصف اللبنانيين نحو الفقر، بحسب ما أوردته الدايلي ستار.
بعد دعم الولايات المتحدة الأميريكية لمبادرة ماكرون، عبرت كل من مصر والإمارات العربية المتحدة وقطر عن تأييدها للمبادرة الفرنسية.
خلال زيارته إلى بيروت أكد وزير خارجية دولة قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني للمسؤولين اللبنانيين على ضرورة تشكيل حكومة من أجل الاستحصال على الدعم اللازم لإخراج البلاد من أسوأ أزماتها الإقتصادية والمالية منذ عقود، ولدى سؤاله عن موقفه تجاه المبادرة الفرنسية قال بأن الدوحة تدعم أي مسار يؤدي إلى تشكيل حكومة في لبنان كما تدعم الجهود الدولية في هذا الصدد.
كما قام الحريري بزيارات لكل من الإمارات ، مصر، وتركيا في سياق جهوده لإعادة إحياء علاقات لبنان مع أصدقائه العرب والغربيين، حط الرئيس المكلف سعد الحريري في باريس، وعقد محادثات مع مسؤولين فرنسيين من بينهم الرئيس ماكرون قبل أن يعود إلى بيروت.
تزامنت زيارة الحريري إلى العاصمة الفرنسية مع تجدد جهود الإليزيه والولايات المتحدة الأميركية ومصر من أجل إحياء المبادرة الرامية إلى تشكيل حكومة في لبنان من 18 وزيراً غير حزبي وذات مهمة إصلاحية بحتة.
ماكرون كان قد أعلن الشهر الماضي عن تخطيطه لزيارة لبنان للمرة الثالثة، مشيراً إلى أن خارطة الطريق التي وضعها من أجل إنقاذ لبنان ما زالت على الطاولة. في هذا السياق، تحدثت تقارير إعلامية عن إمكانية زيارة الرئيس الفرنسي لأبو ظبي والرياض قبل لبنان من أجل الحصول على الدعم الكافي لإنجاز مهمته.
لبنانياً، قالت مصادر سياسية مطلعة للصحيفة المذكورة بأن زيارة ماكرون مستبعدة إلى حين موافقة القادة السياسيين اللبنانيين على إجراء إصلاحات بنيوية وحكومة جديدة غير حزبية، كما اكدت المصادر على إمكانية قيام مبعوث رئاسي فرنسي بزيارة بيروت للتحضير لقدوم ماكرون وضمان نجاح رحلته الثالثة إلى العاصمة اللبنانية.
في سياقٍ آخر وبالرغم من إعلان تيار المستقبل الذي يرأسه الحريري عن عدم تنظيم إحتفال شعبي بمناسبة ذكرى إغتيال الرئيس رفيق الحريري السادسة عشر بسبب الظروف التي تمر بها البلاد لاسيما لجهة تفشي فيروس كورونا، أكد مكتب الحريري الإعلامي أنه سيتوجه بكلمة متلفزة للشعب اللبناني في الرابع عشر من فبراير الجاري وهو تاريخ حدوث اغتيال الحريري الأب.
في هذا السياق أشارت مصادر سياسية لبنانية إلى إمكانية تطرق الحريري إلى العراقيل التي وضعت أمامه وحالت دون تشكيل الحكومة حتى الآن بكل شفافية في حال عدم نجاح المساعي الراهنة للحلحلة.
يرزح لبنان تحت ظروف معيشية وصحية صعبة في ظل حكومة تصريف أعمال غير فاعلة منذ العاشر من أغسطس الماضي، وأدى إصرار رئيس الجمهورية ميشال عون على تسمية الوزراء المسيحيين إلى تأخير تشكيل المجلس الوزاري حتى الآن.
من جهته، دحض الرئيس عون اتهامه بالعرقلة وعدم التنازل من أجل ولادة حكومة للبلاد، واصفاً التنازلات بالحقوق التي يكفلها الدستور للرئيس.