لماذا لن يتوقّف بايدن عن التكلّم عن ترامب بعد المحاكمة؟

جان ماري توما-
تمثّل تبرئة دونالد ترامب في محاكمة عزله الثانية بداية جديدة لرئاسة جو بايدن، مما يمحو ظلًا دام أسابيع خيّم على البيت الأبيض.
ولكن من المرجّح أن يفضّل بايدن عدم تجاوز سيرة ترامب. لماذا وكيف؟
تبعًا لثلاثة مصادر مطّلعة على الوضع، سيستمر بايدن ومساعدوه في استخدام حضور ترامب السابق لـ«المستقبل المنظور»، حيث يسعون لمقارنة سياسات الرئيسَين، لبناء دعم لأجندة البيت الأبيض الحاليّة، وفق ما ورد في موقع «بوليتيكو».
تفاصيل خطّة بايدن
تعلّم فريق الرئيس الحالي، درسًا من عام 2009، عندما فشل الرئيس باراك أوباما وبايدن، الذي كان نائبًا للرئيس آنذاك، في الدفاع عن سياساتهما بقوة كافية ضد انتقادات الجمهوريين، بما في ذلك نائب الرئيس السابق ديك تشيني. ويعتقدون أن هذه الانتقادات ساهمت في خسائر الديمقراطيّين الفادحة في انتخابات التجديد النصفي لعام 2010.
قال مستشار بايدن منذ فترة: «عليك أن تتأكد من أنك تقارن الشخص والسياسات… ففي بعض النواحي، اختار الناخبون الأمريكيّون بايدن ليكون عكس ترامب».
منذ التنصيب، انتقد بايدن ومساعدوه إدارة ترامب ابتداءً من فشلها في بناء وتوزيع لقاح فيروس كورونا بسرعة، وصولًا لرفضهم محاسبة روسيا على «مجموعة من الأنشطة الخبيثة» المتعلّقة بالتدخل في الانتخابات والقرصنة وأخيرًا لسن «سياسات غير أخلاقية» للحد من الهجرة.
في الوقت نفسه، حاول البيت الأبيض تجنّب الانخراط في اسم ترامب عندما كان رئيسًا، تماشيًا مع وعد حملة بايدن باتباع نهج سياسي أقل إثارة للانقسام. في كثير من الأحيان، يرفض المساعدون حتى نطق اسم ترامب، مشيرين بدلاً من ذلك إلى «الإدارة السابقة» أو «الرئيس السابق».
هذا الأسبوع، مع انشغال الوسط السياسي بمحاكمة الإقالة، تهرّب مساعدو البيت الأبيض من سؤال تلو الآخر- رافضين قول ما إذا كان الإجراء دستوريًا، أو ما إذا كان ينبغي إدانة ترامب.
لكن في وقت متأخر من يوم السبت، بعد ساعات من التصويت، أصدر بايدن أخيرًا بيانًا حول ما أسماه «هذا الفصل المحزن في تاريخنا»، قائلًا إن جوهر التهمة الموجّهة ضد ترامب ليست محل خلاف، على الرغم من عدم وجود إدانة.
وتابع: «حتى أولئك الذين عارضوا الإدانة، مثل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ماكونيل، يعتقدون أن دونالد ترامب كان مذنبا بارتكاب “تقصير مشين في أداء الواجب” و”مسؤولًا عمليًّا وأخلاقيًّا عن إثارة العنف الذي اندلع في مبنى الكابيتول”».
ما بعد انتهاء المحاكمة
ابتداءً من الأسبوع المقبل، من المتوقع أن يستعيد بايدن اهتمام البلاد وتركيز الكونغرس مع عودة المشرّعين إلى مناقشة ترشيحاته لمجلس الوزراء ومقترحات السياسة بشأن محاربة كوفيد، الهجرة والبنية التحتية، من بين قضايا أخرى.
قد يكون الأمر معقدًا بسبب ترامب، الذي من المتوقع أن يخرج قريبًا من ملجئه الذي فرضه على نفسه في فلوريدا ويبدأ في مهاجمة بايدن ومعاقبة الجمهوريين الذين عارضوه، وفقًا لاثنين من الجمهوريين اللذين تحدثا إلى الرئيس السابق. يريد بعض الجمهوريين منه العمل مع الحزب لمحاولة استعادة مجلسي النواب والشيوخ في عام 2022.
كما يقول حلفاء ترامب إنه من غير المرجّح أن يترشح للرئاسة في عام 2024، لكنه لا يزال يريد أن يظل قريبًا من الأجواء. ليس من الواضح الطريق الذي يتّخذه لأنه لا يزال ممنوعًا من «تويتر»، وهو أسلوبه المفضل في الاتّصال. يقول المؤرخون الرئاسيّون إن ترامب قد يجد نفسه خارج الاهتمامات السياسية بعد تركه منصبه، كما هو الحال مع الرئيسين السابقين جيمي كارتر وجورج بوش الأب.
إضافةً إلى ذلك يؤكّد حلفاء الرئيس السابق إن بايدن كان يستخدم ترامب كوسيلة ملائمة لإخفاء صراعاته في الأسابيع القليلة الأولى له في منصبه. تعرّض بايدن لانتقادات لتوقيعه على العديد من الإجراءات التنفيذية ولأنه تخلى بسرعة عن جهود الحصول على دعم الجمهوريين لتشريعاته. وفي الوقت نفسه، لا يزال أكثر من 3000 شخص يموتون كل يوم بسبب فيروس كورونا بينما تظل المدارس والشركات مغلقة.
أخيرًا، ينتقد جميع الرؤساء أسلافهم ويأتون إلى مناصبهم حريصين على تطبيق عكس سياسات الإدارة السابقة. يقول بعض المطّلعين على الموقف إن فريق بايدن سيواصل الانخراط في المقارنة في الأشهر المقبلة.
فهذه الخطّة مشابهة للاستراتيجية التي استخدمها بايدن ضد ترامب خلال الحملة: سياسات التباين والاستمرار في التركيز على الوعد بالكفاءة والهدوء الذي يريده الأمريكيّون.