المغرب العربي

صناعة السيارات في الجزائر.. مصير مجهول ينتظر الفرج

صنع في الجزائر، كان ذلك هو الشعار والرهان الذي راود أحلام المسؤولين الجزائريين مطلع العام 2013، بعدما بلغت فاتورة استيراد السيارات مستوى قياسيا بقيمة 7 مليارات دولار لجلب 600 ألف مركبة خلال العام 2012.
حلم مشروع إنتاج سيارات بوسم صُنع في الجزائر، الذي بدأ في العام 2012، بشراكة بين شركة رينو الفرنسية والحكومة الجزائرية، أثمرت في العام 2014 عن إنشاء أول مصنع لإنتاج السيارات، بالقرب من وهران، ثاني أكبر مدينة في البلاد، لم يكتمل، حيث أغلقت المصانع وسجن مالكوها، وطُرد آلاف العمال منها، وتحوّل مشروع بناء مصانع لتجميع السيارات في الجزائر، والذي كان يفترض أن يصبح فخر الاقتصاد الجزائري، إلى إخفاق تام ، بسبب التجاوزات والاختلاسات والفساد، ما أجبر السلطات على إعادة النظر في المشروع برمته، وفق «فرانس برس».
وتبع ذلك إنشاء ورش تجميع أخرى، عندما أجبرت السلطات، وكلاء السيارات على إنتاج بعض القطع محليًا من خلال شراكات مع العلامات التجارية الأجنبية.
وبعد رينو الفرنسية، افتتحت هيونداي الكورية الجنوبية، وفولكسفاغن الألمانية، مصانع في تيارت وغليزان، شمال غرب في العامين 2016 و2017.
وتحوّل القطاع إلى أولوية بالنسبة للجزائر، التي كانت تسعى لتقليص وارداتها وتنويع اقتصادها، في مواجهة تراجع عائدات النفط الذي يشكل مصدر أكثر من 90% من العملات الأجنبية.
ولكن في ربيع العام 2017، وجد القطاع نفسه في خضم جدل شعبي كبير انتقل إلى الحكومة.
استيراد مقنع
وشجبت السلطات واردات مقنّعة لسيارات جاهزة، فأرسلت لجنة تحقيق إلى شركة هيونداي، بعد نشر صور على مواقع التواصل الاجتماعي لنماذج مستوردة لسيارات شبه كاملة، لا ينقصها سوى تركيب العجلات.
في نهاية يوليو 2017، أوقف وزير الصناعة الأسبق محجوب بدة، المسجون الآن لدوره في القضية، أي مشروع جديد لتجميع السيارات.
محاسبة
وبعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في أبريل 2019، وإدانة العديد من رؤساء مصانع التجميع بالسجن، وعد الرئيس الجديد عبد المجيد تبون بإصلاح القطاع الذي شابه الفساد.
وغداة انتخابه في ديسمبر 2019، شجب بعض المشاريع التي لا يمكن وصفها بصناعة، لأنها ببساطة استيراد مقنّع.
ونتيجة لذلك، تم حظر استيراد قطع الغيار لمصانع التجميع، فكان هذا القرار بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، بالنسبة إلى هذه الصناعة الفتية التي تواجه أصلا مشاكل كبيرة، منذ سجن جميع مُلاكها تقريبًا في إطار تحقيقات أجريت بعد تنحي بوتفليقة.
فساد
وكانت فضيحة مصانع تجميع السيارات، محور أول محاكمة فساد كبرى في عهد بوتفليقة، انتهت بسجن رئيسي وزراء سابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، ووزيرين سابقين للصناعة ورجال أعمال مثل محيي الدين طحكوت «هيونداي» أو مراد عولمي «فولكسفاغن» .
وظهر خلال المحاكمة، أن هذه الشركات حصلت على امتيازات تفضيلية، مثل عدم دفع ضرائب ورسوم جمركية، على الرغم من عدم احترامها كراسة الشروط إلاّ نادرا.
واعتمدت الحكومة في أغسطس، شروط جديدة تنص خصوصا على نسبة إدماج كمية الأجزاء المصنعة محليًا تبدأ بـ 30% عند انطلاق التشغيل.
ويرى الخبير الاقتصادي مراد سعدي، أن فشل تجربة تجميع السيارات بشكل رئيسي، تعود إلى عدم وجود صناعة مرافقة حقيقية قادرة على إمداد المصانع بأجزاء مصنوعة في الجزائر، وتحقيق الإدماج الذي تطلبه الحكومة.
وتحدّث وزير الصناعة فرحات آيت علي، الذي تعرّض لانتقادات بسبب التأخير في وضع كراسة الشروط، عن محادثات مع ألمان ومتعاملين عالميين آخرين، لإطلاق صناعة حقيقية للسيارات السياحية وسيارات نقل البضائع، لكن، حتى الآن، لم يتقدم أي مصنع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى