تقارير

العراق يغلي قبيل مغادرة ترامب البيت الأبيض

– علي حمدان

بعد عام على إغتيال الولايات المتحدة الأميركية لقاسم سليماني تطغى التوترات على المشهد السياسي في العاصمة العراقية بغداد، مع اتهام القوى السياسية الموالية لإيران لرئيس الحكومة المدعوم أميركياً مصطفى الكاظمي بتواطئه مع واشنطن على تصفية رئيس فيلق القدس، بحسب مقالة نشرت في الدايلي ستار.

أحدث إغتيال الإدارة الأميركية لسليماني في مطلع العام 2020 صدمة لدى إيران وحلفائها. ترامب وضع استهداف سليماني في معرض الرد على الهجمات المتكررة ضد أهداف أميركية في العراق، وفي أسابيعه الأخيرة في البيت الأبيض حذر ترامب إيران من مغبة إقدامها على أي اعتداء على المصالح الأميركية في بلاد الرافدين.

العراق الجريحة الخارجة لتوها من الحرب عالقة ما بين تداعيات الإحتلال الأميركي السابق لها وتدخلات إيران بشؤونها والتي تعاظمت بعيد غزو الولايات المتحدة الأميركية لبغداد وإسقاط نظام صدام حسين عام 2003.

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي تسلم منصبه في مايو الماضي تلقى تهديدات واضحة من قوى عراقية مسلحة تدعمها إيران والتي تتهمها واشنطن بآستهداف سفارتها في المنطقة الخضراء في بغداد.

تشير مصادر أمنية الى أن التوترات في بغداد تزايدت بعيد إلقاء القوى الأمنية العراقية القبض على أحد أعضاء قوات عصائب الحق التابعة لقوات الحشد الشعبي على خلفية إتهامه  بالتخطيط لهجمات على السفارة الأميركية.

إثر إعتقال العضو في عصائب الحق قام مقاتلون ومناصرون للمجموعة بالتظاهر في كافة أنحاء بغداد مهددين بآستهداف الكاظمي شخصياً في حال لم يتم الإفراج عن رفيقهم المحتجز.

«نحذر الكاظمي ونقول له بأننا سنعاقبه إذا لم يتراجع عن عن قرار الإعتقال»، قال أحد أعضاء ميليشيا عصائب الحق الذي ظهر مقنعاً في مقطع فيديو إنتشر على منصات التواصل الإجتماعي، في حين هدد آخرون بقطع آذان الخائن.

القوى العراقية المدعومة من قبل إيران تتهم الكاظمي، رئيس الحكومة الحالي ورئيس جهاز إستخبارات العراق السابق، بالتواطؤ مع واشنطن لقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، القياديين في الحرس الثوري الإيراني.

كتائب حزب الله العراقية هددت الكاظمي كذلك، داعية إياه الى عدم استفزاها وتحاشيه لنفاذ صبرها.

بدوره، دعا الرئيس الكاظمي الى التهدئة، مشيراً في الوقت عينه عن جهوزية بلاده للمواجهة في حال دعت الضرورة الى ذلك.

احتدام الخطاب السياسي أدى الى تزكية التوترات السياسية في البلاد التي أنهكتها الحروب، الجائحة، والركود الإقتصادي المصاحب لإنخفاض الطلب على النفط عالمياً.

«في حال التصعيد، فإن الأمر بالنسبة للحكومة العراقية هو بمثابة نكون أو لا نكون»، يقول سجاد جياد، الباحث في مؤسسة سينشوري فاوندايشن الأميركية. «سقوط حكومة الكاظمي أمر وارد، فالقوى السياسية العراقية الموالية لإيران قادرة على القيام بخطوات تؤدي الى إسقاطه»، يقول مختتماً.

بالعودة الى مقاتل عصائب أهل الحق المذكور، فقد أعربت مصادر سياسية رفيعة لوكالة الصحافة الفرنسية عن إمكانية تسليم الحكومة للشاب الى مديرية الحشد الشعبي، مما يذكر بقيام السلطات الأمنية العراقية بتسليم 14 عضواً تابعين للحشد الى قيادة المديرية خلال ساعات من إعتقالهم.

تظهر مساومات الكاظمي هذه حرصه على الحفاظ على الهدوء والإستقرار في البلاد، فالشعب العراقي ملّ رؤية القوانين وهي تنتهك، بحسب أحد السياسيين الذي لم يرغب بالإفصاح عن إسمه للوكالة الفرنسية.

في الوقت عينه تبدو الجماعات المسلحة خائفة من شن أي هجمات لاستشعارها عدم دعم الطبقة السياسية الحاكمة لها، في حين  يفضي افتقار الحكومة للسند العسكري والسياسي الى جنوح الكاظمي نحو الحوار والمهادنة، في هذا السياق قام أبو جهاد الهاشمي بزيارة طهران مؤخراً، مبعوثاً من الكاظمي، في محاولة للتوسط حسبما أوردته الدايلي ستار عن تقارير وكالة الصحافة الفرنسية. «نعتقد بأنه حاول إقناع طهران بردع قواتها المسلحة في العراق عن شن أي هجمات على سفارات أو مؤسسات أمنية أميركية او أجنبية في بغداد»، يقول جياد.

في ظل الآمال بالحفاظ على الهدوء الذي شهدته العراق منذ أكتوبر الماضي مع توافق الجماعات المسلحة على وقف هجماتها التي امتدت لحوالي العام، عادت الإنتكاسات الأمنية لتطل برأسها من جديد مؤخراً.

«الطائرلت المسيرة غالباً ما تجول فوق السفارة الأميركية ومراكز عسكرية تابعة لقوات دولية»، يقول مصدر عسكري أميركي لوكالة الصحافة الفرنسية.

في هذا الصدد، قامت السفارة الفرنسية بإجلاء قسم كبير من موظفيها وأعضاء في بعثتها الدبلوماسية بسبب مخاوف أمنية، حسبما أكده مصدر عراقي. «قد يكون ذلك مؤشراً على إمكانية حصول عمليات عسكرية أو هجمات مستقبلاً»، تنقل الدايلي ستار عن الوكالة الفرنسية.

«الأميركيون قد يلجؤون الى إخراج طواقمهم الدبلوماسية وموظفيهم قبل حصول أي عملية عسكرية تستهدف هؤلاء إنتقاماً»، يقول دبلوماسي غربي.

العراق يغلي، والعيون على البيت الأبيض على مسافة أسابيع من تسليم ترامب الحكم لخلفه المنتخب جو بايدن. ترامب كان قد حذر في تغريدة مؤخراً من أن مقتل أي أميركي في العراق سوف تتحمل مسؤوليته إيران، مشيراً الى معلومات وثرثرات سمعتها واشنطن عن إمكانية إستهداف مصالحها في العراق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى