الشرق الأوسطتقارير

هجوم أربيل.. تصعيدٌ سيكون له ما بعده

اجتماعات لهيئة الأركان الأميركية.. و«ناتو» يبحث زيادة القوات في العراق

خالد جان سيز

تساؤلات عن مدى التصعيد المرتقب وذهاب الأوضاع إلى الأسوأ، أثارها هجوم أربيل، الذي مثّل رسالة قوية ضد الوجود الأميركي والغربي العسكري في العراق، وسط توجيه أطراف كردية أصابع الاتهام إلى «الحشد الشعبي» وجهات مدعومة من إيران، لكن الأخيرة سارعت إلى النفي، مؤكدة أن أمن العراق مهم بالنسبة إليها.
الهجوم استهدف مجمّعاً عسكرياً في مطار أربيل، تتمركز فيه أغلبية القوات الأجنبية التابعة للتحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، غير أن صواريخ سقطت أيضاً في أحياء سكنية، تسبّبت في جرح خمسة مدنيين، في حين أدت ثلاثة صواريخ أصابت المطار إلى مقتل موظف مدني وجرح 4 آخرين.
ونتيجة القصف، دوّت انفجارات عدة، واشتعل حريق بضع دقائق في محيط المطار. وسقطت إحدى القذائف قرب منطقة سكنية، وأصيب ثلاثة أشخاص.
وأظهرت لقطات مصوّرة، بثّتها قنوات تلفزيونية محلية، سيارات مدمرة وزجاجاً محطّماً يغطي منطقة، سقطت فيها إحدى القذائف.
وقالت ناريمان محمد (51 عاماً) وهي من أهالي أربيل إن «هذا القصف بالتأكيد أثّر فينا؛ عرّض حياتنا للخطر»، مضيفة: «لا أرى أي معنى لكل هذا، نحن بشر أيضاً ونريد أن نعيش».
ورفعت بقايا ومخلّفات الصواريخ التي تركت خلفها حفراً صغيرة في عدد من شوارع أربيل وآثاراً على جدران خارج بعض المنازل. وأعادت السلطات في إقليم كردستان العراق فتح المطار. وقال مديره أحمد هوشيار: «أغلقنا المطار من الساعة العاشرة من مساء الليلة قبل الماضية (الإثنين)، إلى الساعة الـ12 من صباح اليوم (أمس)، للمحافظة على سلامة المسافرين والخطوط الجوية العاملة في المطار».

اجتماعات أميركية

في سياق متصل، أعلنت هيئة الأركان الأميركية المشتركة أنها تعقد اجتماعات متواصلة لبحث الهجوم، في وقت أفاد وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي (ناتو) بأنهم يعتزمون بحث توسيع مهمة التدريب في العراق، ورفع عدد القوات من 500 إلى أربعة أو خمسة آلاف.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة «غاضبة» بسبب الهجوم الصاروخي، مردفاً: «تواصلت مع رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني لمناقشة الواقعة، والتعهّد بدعمنا لجميع الجهود المبذولة للتحقيق فيها ومحاسبة المسؤولين عنها».
بدوره، أدان السفير البريطاني لدى العراق ستيفن هيكي بشدة الهجوم، داعياً إلى محاسبة المسؤولين عنه. وقال: «سندعم رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في التحقيق في الهجوم».

إيران تنفي

بدورها، سارعت إيران إلى نفي أي صلة لها بمن نفّذ الهجوم. وشدد الناطق باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده على أن «إيران تعتبر استقرار العراق وأمنه مسألة حاسمة بالنسبة للمنطقة، وترفض أي عمل يخل بالأمن والسلام في ذلك البلد»، مديناً ما وصفه بأنه «محاولات مريبة لنسب الهجوم إلى إيران».
وكانت جماعة تطلق على نفسها اسم «سرايا أولياء الدم» أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم، قائلة إنها استهدفت «الاحتلال الأميركي» في العراق. ولم تقدم ما يدل على ادعائها.
لكنّ مسؤولين أمنيين صرحوا لـ «فرانس برس» بأن اسم هذه المجموعة مجرد «واجهة» لفصائل مسلّحة معروفة موالية لإيران، تريد انسحاب القوات الأجنبية من العراق.

اتهام كردي

وبشكل صريح، وجّهت القوات الكردية اتهامات لـ «الحشد الشعبي» بالمسؤولية عن الهجوم الأحدث، مشيرة إلى أن «الأسلوب المستخدم في هجوم الليلة الماضية يشابه ذلك الذي وقع على مطار أربيل سابقاً».
وكانت ستة صواريخ سقطت قرب مطار أربيل في 30 سبتمبر الماضي، من دون وقوع أي ضحايا، وهو هجوم ألقى جهاز مكافحة الإرهاب في كردستان العراق باللوم فيه على ميليشيات موالية لإيران.
واتهم الحزب الديموقراطي الكردستاني فصيلاً «مختلاً» بالوقوف وراء الهجوم «تحت عباءة وإمكانيات الحشد الشعبي».
ودعا رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني مجلس الأمن والأمم المتحدة إلى أخذ مخاطر الهجوم بجدية، والعمل على إنهاء التهديدات على شعب كردستان، من خلال «حض الحكومة العراقية على تطبيق الدستور العراقي».
أما الرئيس العراقي برهم صالح فاعتبر بدوره أنّ القصف «يمثل تصعيداً خطيراً وعملاً إرهابياً إجرامياً يستهدف الجهود الوطنية لحماية أمن البلاد وسلامة المواطنين».

لجنة تحقيق

وباشرت «قوات جهاز مكافحة الإرهاب والأسايش والشرطة، بالتنسيق مع التحالف الدولي، التحقيق في الهجوم».
كما وجّه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بتشكيل لجنة تحقيق مشتركة مع الجهات المختصة في الإقليم؛ لمعرفة الجهة التي تقف وراء الهجوم.
ورأى الكاظمي أن «العمل الإرهابي الذي استهدف أربيل يتزامن مع جهودنا لإبعاد العراق عن الصراعات، ويهدف إلى خلق الفوضى وخلط الأوراق»، مؤكداً مواصلة الجهود «لعدم تحويل العراق إلى حديقة خلفية للصراعات».
وردّاً على سؤال بشأن اتهام الفصائل التابعة لـ «الحشد» بالهجوم، قال يحيى رسول، الناطق باسم الكاظمي: إن «الحشد الشعبي مؤسسة أمنية مرتبطة بالقائد العام للقوات المسلحة، وهي تدافع عن العراق والعراقيين». وتابع: «لا بد أن ننتظر نتائج التحقيق».

القوات الأميركية تشدد إجراءاتها في الأنبار
إلى ذلك، أفاد مصدر أمني بأن القوات الأميركية شددت من إجراءاتها الاحترازية على كل مواقعها في الأنبار، مردفاً: «تحسباً من استهداف قواتها في مناطق مختلفة من مدن الأنبار الغربية، وصولاً إلى الشريط الحدودي مع سوريا». وأوضح أن «قاعدة عين الأسد الجوية شهدت حركة طيران غير مسبوقة، بينما قامت قوة أميركية بعملية استطلاعية استهدفت المناطق القريبة من مبنى القاعدة».
إلى ذلك، شجبت ممثلة ​الأمم المتحدة​ في ​العراق​ جينين هينيس بلاسخارت الهجوم على أربيل، محذّرة من خروج الوضع عن السيطرة في العراق.
وأوضحت أن «مثل هذه الأعمال المتهورة تمثّل تهديدات خطيرة»، لافتة إلى وجود صراعات خارجية. ودعت إلى «ضبط النفس والتعاون بين بغداد وأربيل، لتقديم الجناة إلى العدالة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى