تقارير

«كوفيد- 20» يوتِّر العالم.. والسفر معلَّق

وليد قرضاب –

في الوقت الذي بدأ التفاؤل يسود العالم بقرب نهاية وباء «كورونا» وعودة الحياة إلى طبيعتها، مع بدء حملات التطعيم ضد الفيروس في عدد من دول العالم، فاجأت بريطانيا العالم بالإعلان عن سلالة متغيّرة من الفيروس، تنتشر بصورة أسرع من السلالة القديمة، وجرى التعرف على الطفرة الجديدة من الفيروس بعد زيادة في حالات الإصابة بهذا النوع المتحور، في لندن ومقاطعة كنت جنوب شرقي البلاد، وأُطلق عليها اسم «VUI – 202012/01» او «كوفيد ـــ 20» على النوع الجديد من الفيروس.

وهذا الاعلان أدى إلى توترات في بريطانيا التي أصبحت معزولة، بعد أن أوقفت دول عدة رحلات السفر منها وإليها، بسبب المخاوف من السلالة الجديدة، ما سلّط الضوء على حالة الذعر على مستوى العالم، والتسبّب في ارتباك حركة السفر، واحتمالات تعرّض بريطانيا لنقص في الغذاء قبل أيام فقط من خروجها عمليا من فلك الاتحاد الأوروبي. كما عصفت الجائحة المتحورة بالمطارات والمنافذ عقب اتخاذ دول عدة احتياطات اخرى؛ فأغلقت كامل المنافذ البرية والبحرية والجوية، منعاً لوصول اي ناقل للسلالة الجديدة من الفيروس.

فبعد السعودية، أعلنت سلطنة عمان والكويت إغلاق كل المنافذ الجوية والبحرية، والبرية احترازياً، ومنع الدخول إليها والخروج منها.

وقالت وكالة الأنباء العمانية إن اللجنة المكلفة بحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار «كورونا» قد قررت منع الدخول إلى السلطنة والخروج منها عن طريق مختلف المنافذ البريّة والجويّة والبحرية اعتباراً من اليوم (الثلاثاء)، ولمدة أسبوع. وستتسلم السلطنة أول دفعة من لقاح «فايزر» يوم الأربعاء.

بدورها، قال المغرب وتونس إنهما علّقا الطيران مع بريطانيا وأستراليا وجنوب أفريقيا، بسبب المخاوف، كما قرر الاردن تعليق الرحلات الجوية من بريطانيا وإليها،

وكانت دول أخرى قد اتخذت إجراءات احترازية، وبدأت جميع دول الاتحاد الأوروبي تعليق الرحلات الجوية الآتية من بريطانيا وجنوب أفريقيا، بما شمل فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والنمسا وألمانيا وأيرلندا وبلجيكا وبولندا، وسويسرا.

وأوقفت الهند وروسيا وهونغ كونغ وإسرائيل وكندا وتركيا والأرجنتين، وتشيلي الرحلات مع المملكة المتحدة، في حين قالت اليابان وكوريا الجنوبية إنهما تراقبان الموقف.

ومنعت الحكومة الهولندية نزول الركاب من العبارات الآتية من بريطانيا إلى هولندا عند وصولها إلى موانئ البلاد، كما أعلنت قطارات «يوروستار» توقيف حركة المرور إلى أمستردام، اعتباراً من أمس نتيجة للقرار الذي اتخذته الحكومة البلجيكية بإغلاق الحدود مع المملكة المتحدة.

وترأس رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون اجتماع أزمة بشأن إمدادات المملكة المتحدة لمناقشة الوضع المتعلق بالتنقلات الدولية، خصوصا التدفق المنتظم للشحن من المملكة المتحدة وإليها بعد قرار العديد من الدول تعليق الرحلات.

وكان سكان العاصمة لندن بدأوا مغادرتها بشكل جماعي بعد قرار تشديد قيود الحركة ما ادى إلى تكدس حشود المواطنين في محطات القطار الرئيسية بالمدينة قبل أن تدخل الإجراءات الجديدة حيز التنفيذ وتشكلت اختناقات مرورية كبيرة على الطرق السريعة الرئيسية.

بحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فإن التحذيرات من السلالة الجديدة تبقى مهمة، وفق ما يؤكده العلماء.

الدكتور بجامعة سانت أندروز، موغ سيفيك، يقول إن العلماء رصدوا أكثر من 4000 طفرة من «سارس-كوف2»، لكن قليلا منها ذو أهمية. وأضاف: «من الصعب التصرف مع السلالة الجديدة، خاصة وأنها جاءت قبل موسم الأعياد، حيث تخطط العائلات للالتقاء ببعضها البعض في العطلة».

من جانبه، قال أستاذ الأمراض المعدية في كلية لندن الجامعية وعضو المجموعة الاستشارية العلمية لحالات الطوارئ (Sage) البروفيسور أندرو هايوارد: «إن لندن والجنوب الشرقي متقدمان كثيرا، لكن الأمر استغرق أسبوعين لتحول نسبة الإصابات إلى مرتفعة، ولذا أشعر أنه سيكون من المحتم أن تكون هناك حاجة إلى قيود أكثر صرامة في جميع أنحاء البلاد». وتابع: «كما هو الحال دائما، من الأفضل المضي قدما في وقت مبكر إذا كنا نريد تجنب أكبر عدد ممكن من الوفيات»، مشيرا إلى أن «تشديد القيود للحد من انتقال العدوى يمكن أن يوفر الحماية لأكبر عدد ممكن من الأشخاص المعرضين للخطر».

وأضاف: «ستوفر القيود أسابيع أخرى يمكننا خلالها تطعيم الناس، وإنقاذ عشرات الآلاف من الأرواح».

اليابان تنصح بالتزام المنازل.. وتايلند تستبعد الإغلاق

في آسيا أيضا، تشهد اليابان، واحدة من أكثر الدول تقدما في القارة، كذلك أرقاما قياسية للمصابين بكورونا في الاونة الأخيرة على أرضها ما استدعى قيام حاكمة طوكيو، يوريكو كويكي، بحث سكان العاصمة اليابانية على البقاء في منازلهم خلال عطلة عيد الميلاد ونهاية العام للحد من تفشي العدوى.

في المقابل، استبعد رئيس وزراء تايلند، برايوت تشان أوشا، أي نية لفرض إغلاق فوري وصارم في البلاد، وقال إنه لا يوجد مخطط فوري من أجل تحرك في هذا الاتجاه. وأفاد بأنه ستتم مراقبة الوضع عن كثب لمدة أسبوع من جانب السلطات المختصة لتقييم الوضع مع فحص أكثر من 40 ألف شخص ممن يعيشون في الجوار لمركز المأكولات البحرية الواقع بالقرب من بانكوك.

«الأدوية الأوروبية» تعتمد «فايزر»

إجماع على فعالية اللقاحات مع السلالة الجديدة

أوصت وكالة الأدوية الأوروبية، أمس، بترخيص مشروط للقاح فايزر المضاد لفيروس كورونا. وأشارت وكالة الأدوية الأوروبية، في مؤتمر صحافي عقدته خصيصاً للكشف عن موقفها من اللقاح، إلى أن الأدلة أثبتت أن فوائد لقاح فايزر أكبر من أضراره. وقالت الوكالة: «السلامة كانت أولوية بشأن لقاح فايزر، وتأكدنا من ذلك». وأكد رئيس الوكالة أنه لا دليل على أن اللقاح لن يكون فعّالاً ضد السلالة الجديدة التي ظهرت في بريطانيا.

بدوره، أكد وزير الصحة في ألمانيا ينس شبان أن لقاحات «كورونا» المرشحة للاستخدام فعّالة ضد السلالة الثانية من الفيروس. وقال شبان إنه استناداً إلى المعلومات التي لدى السلطات، فإن السلالة الجديدة ليس لها تأثير على اللقاحات لأن لها نفس الفعالية. وقدّم وزير الصحة الألماني هذا الادعاء مستشهداً بالمحادثات ما بين السلطات الأوروبية حول لقاح «فايزر-بيونتك».

كما أعلنت منظمة الصحة العالمية أنه لا دليل حتى الآن على أن السلالة الثانية للفيروس تتصرف بشكل مختلف عن النوع الأصلي منه.

بدوره، قال الطبيب الأميركي فين جوبتا الأستاذ المساعد بجامعة «واشنطن» لشبكة «سي إن بي سي» إن اللقاحات قد تكون فعّالة في مكافحة السلالات الجديدة التي تحورت عن الفيروس، مشيراً إلى أن السلالات الجديدة قد تكون مشابهة جداً على المستوى الوراثي للفيروس الحالي.

ليس أسوأ من سابقه

وفي السعودية، أعلن وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة أن الفيروس المتحور تحت الدراسة وتتم متابعته باهتمام، مشدداً على أن قيادة المملكة حريصة على اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية بمنع السفر لتقييم الوضع حتى نفهم طبيعة هذا الفيروس المتحور. وقال الربيعة: مبدئياً إذا أصيب شخص بفيروس كورونا المتحور، فهو مشابه لفيروس كورونا المتعارف عليه، وليس أسوأ منه، واللقاح فعّال معه، وهذا من الأمور المبشرة بالخير.

خبير إسرائيلي

إلى ذلك، تحدث الاختصاصي لاسرائيلي في علم الأحياء الدقيقة السريرية من كلية الصحة بجامعة بن غوريون يعقوب موران جلعاد عن السلالة الجديدة، وإن كان الأمر يتطلب لقاحات جديدة.  وقال لصحيفة «جيروزاليم بوست» إن الطفرات ليست بالأمر الجديد، وإن «سارس – كوف 2» سجّل آلاف الطفرات، وهي «غير مهمة»، مشيراً إلى أنه «لم يثبت بشكل قاطع أن السلالة الجديدة أكثر نقلاً للعدوى، والأرقام التي قدّمها رئيس الوزراء البريطاني كانت بمنزلة تنبؤات».

وتحمل السلالة الجديدة طفرة تسمى «إن 501 واي» موجودة على سطح البروتين الفيروسي، وتسمح لها بالالتصاق بالخلايا البشرية لاختراقها والإضرار بها. وأوضح الخبير الإسرائيلي أن تأثير السلالة الجديدة على الجهاز التنفسي غير مثبت حتى الآن، مشيراً إلى أن «الطفرة الجديدة لن تضر بفعالية اللقاحات بأي شكل من الأشكال، فنظام المناعة ينتج مجموعة واسعة من الأجسام المضادة لهذا الفيروس، وليس مجرد نوع واحد».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى