معارضو الانقلاب في ميانمار.. يبتكرون أساليب مبتكرة للاحتجاج

علي حمدان –
لم يعتبر الفنان البورمي «خاين» المقيم في مدينة يانغون نفسه ناشطاً سياسياً، قبل حصول الإنقلاب العسكري ضد حكومة البلاد المدنية مطلع الشهر الجاري.
ولطالما اكتفى الشاب برسم لوحات وجداريات من مخيلته، لكن شيئاً ما تغير بعد الأول من فبراير فوجد نفسه مولعاً بتصميم الملصقات والرسومات السياسية المضادة لبروباغندا القيادة العسكرية والداعية للعصيان المدني.
«ما أقوم به الآن مع غيري من الفنانين ليس فناً بل ما تستدعيه الظروف الراهنة ويعبّر عن ما نشعر به فعلياً حيال ما يحصل»، يقول «خاين»، الذي فضل استخدام إسم مستعار خوفاً على سلامته.
«خاين» العشريني يعتبر أحد أبرز فناني مدينة يانغون الأكبر في ميانمار، ويعمل حالياً على تصميم وتنفيذ الصور والكاريكاتورات الساخرة لنشرها في الفضاء السيبراني، وفي شوارع مدينته في سياق حملات مضادة لحكم العسكر.
معظم الصور التي ينتجها «خاين» تتضمن سخرية من شعارات أيقونية أطلقها قادة عسكريين، وتصاميم متهكمة على الجنرالات، وتعبر عن الدعم الشعبي للحكم المدني الديمقراطي.
«الفنانون يقومون بمواجهة الإنقلاب العسكري بذكاء وطاقة فريدة»، يضيف «خاين».
يمثل العمل الذي يقوم به «خاين» وزملائه الفنانين القيمة المضافة في تظاهرات ميانمار والسبب الرئيسي في تمايزها عن احتجاجات الأعوام السابقة التي غالباً ما تحولت إلى اشتباكات مع القوى الأمنية في يانغون المعزولة عن العالم منذ عقود جراء خضوعها لحكمٍ عسكري متشدد، فالشباب البورمي المتصل بالشباب العالمي من خلال الشبكة العنكبوتية يقوم بتنظيم العصيان المدني مستخدماً الفيس بوك وغيره من المنصات، وملهماً بتكتيكات اتبعتها الحركات الاعتراضية في هونغ كونغ وتايلاند.
في المقابل قامت القيادة العسكرية بقطع جزئي لشبكة الإنترنت عن المستخدمين، وإقرار قوانين تستهدف شركات التزويد بخدمة الإنترنت، ومرتادي وسائل التواصل الإجتماعي، مما يشي بعودة انتهاجها لاستراتيجيات القمع والعنف التي طبعت الأعوام الماضية في ميانمار.
في هذا السياق عبر «خاين» عن تخوفه من عودة كمً الأفواه والحكم الاستبدادي الذي طبع تاريخ ميانمار المعاصر، «إنها معركتنا الأخيرة إما ننتصر وإما نخضع للحكم العسكري الدكتاتوري لـ20 عاماً قادمة»، يقول «خاين».
عروض ضوئية
بالإضافة إلى الملصقات والصور والتصميمات الغرافيكية التي يتم نشرها على وسائل التواصل الإجتماعية لتشجيع الناس على الاستمرار في العصيان المدني والتظاهر، يقوم «خاين» وزملائه بتنظيم عروض ضوئية ليلية من خلال أجهزة الإسقاط أو البروجيكتر على أبنية المدينة عند الثامنة من كل مساء.
تعكس الرموز التي يقوم «خاين» ورفاقه باستعراضها على مباني يانغون شارات النصر والنضال ضد طغيان، وتتزامن مع التوقيت الذي يعبر فيه الأهالي عن غضبهم كل ليلة من خلال قرعهم لأواني الطبخ والأبواب وكل ما يُحدث ضجيجاً. «إنه شعورٌ جميل، شعرت بأنه علينا القيام بشيءٍ ما، وتمكنا من ذلك»، يقول «خاين» الذي لم يأتي على ذكر إبقاء رئيسة الحكومة المدنية أونغ سان سو كي بعيد تسلمها الحكم في العام 2015 على القوانين القمعية.
«حكومة سان سو كي لم تضع الحريات وحقوق الإنسان ضمن أولوياتها بالرغم من تأمل كثر بقيامها بذلك»، يقول كارين كارلي كار، رئيس منظمة حرية التعبير في خطر الأميركية.
وبناءً على مؤشر منظمة حرية الكتابة فإن العام 2019 كان عام حلول ميانمار سادسة على لائحة الدول القامعة للكتاب، المبدعين، الفنانين، والمفكرين. في هذا السياق، اعتبر «خاين» بأن الوضع خلال ولاية رئيسة الحكومة المحتجزة كان أفضل من أيام الحكم العسكري التي شهدت كماً للأفواه منقطع النظير.