الشرق الأوسطتقارير

الجيش اللبناني في مهبّ الأزمة المالية

حاجة متزايدة لإطعام نحو 70 ألف جندي

بيروت – القبس

من جملة البيانات الصحافية الصادرة عن الجيش اللبناني التي تتحدث عادة عن عمليات ميدانية أو تبرعات بمعدات عسكرية، صدر الإثنين الماضي بيان يمكن القول إنه غير عادي، جاء فيه: «بتاريخ 15 / 2 / 2021 جرى توقيع اتفاقية تُقدِّم بموجبها السفارة الفرنسية هبة عينية عبارة عن 2108 حصّات غذائية قيمتها 60 ألف دولار لمصلحة الجيش اللبناني لتوزيعها على العسكريين».
مصدر عسكري لبناني أكد لصحيفة لوموند الفرنسية أن هذه الإعانات «مخصصة لأسر الجنود الأشد احتياجاً»، مضيفاً: «لا ننكر أن هناك أزمة لتلبية كثير من الحاجات العسكرية».
ولفت إلى الحاجة المتزايدة لإطعام القوات العسكرية المكونة من نحو 70 ألف جندي.
وتعد هذه المساعدة الرمزية للجنود وعائلاتهم (60 ألف دولار) جزءاً من إجراءات الدعم الفرنسية الأخرى للجيش.
ويشعر العديد من شركاء لبنان الأوروبيين بالقلق من أن تؤدي الكارثة الاقتصادية تدريجياً إلى إضعاف الجيش، العمود الفقري للدولة، ما سيؤدي إلى تسريع الفوضى.
وعموماً، ينحدر الجنود من أوساط فقيرة، وهم يحصلون على ضمان بتغطية تكاليفهم الصحية وجزء من تعليم أطفالهم المستمر حتى اليوم، إلا أنهم – مثل سائر موظفي القطاع العام – يتقاضون رواتبهم بالعملة المحلية، التي تراجعت إلى مستويات قياسية، حيث أصبح دخل الجندي اللبناني يوازي اليوم نحو 130 دولاراً فقط، مقارنة بأكثر من 700 دولار في 2019، قبل انفجار الأزمة المالية وهبوط الليرة اللبنانية أمام الدولار.

زلزال اجتماعي
وفي حين يطول التآكل كل القطاعات اللبنانية، يحرص الجيش على عدم التحدث علناً عن صعوباته، باستثناء إشارات قليلة ظهرت صيف 2020 مع الإعلان عن إلغاء اللحوم من الوجبات الغذائية المخصصة للعسكريين.
وقال أحد المراقبين المطلعين على الدوائر الأمنية: «أظهر الجيش مراراً صعوبة في التعامل مع الوضع الاقتصادي، الذي قد يعرّض قدرته التشغيلية للخطر»، لافتاً إلى أن أي تهديد يمس هذه المؤسسة ستكون عواقبه خطيرة، خصوصاً أن الجيش منهك على كل الأصعدة.
ومنذ الانتفاضة الشعبية في أكتوبر 2019، نزل الجيش إلى الشارع من أجل المحافظة على الأمن خلال الاحتجاجات الشعبية، كما أوكل إليه توزيع مساعدات إنسانية بعد انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020، وهو يحظى بثقة كبيرة، لكن بعد التظاهرات الأخيرة في طرابلس، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاجتماعية، الذي تفاقم بسبب إجراءات الإغلاق، وما تخللها من أعمال عنف وتخريب، تعرض الجيش لانتقادات منتظمة من قبل مؤيدي الانتفاضة، الذين يتهمونه باستخدام القوة المفرطة وشن اعتقالات تعسفية.
من جهتها، تشير مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة بحثية، إلى أن الخطر يكمن في أن تجد القوى الأمنية نفسها «مسؤولة عن فشل الدولة، في حين أنها تعوّض عن غياب السياسة والحكم من خلال ممارسة سلطتها على الشعب الذي تشاركه معاناته».
ولا يلوح في الأفق أي حل حالياً للمأزق اللبناني، ففي مواجهة الزلزال الاجتماعي أصبحت حكومة حسان دياب المستقيلة عاجزة، والقوى السياسية الحقيقية – أي الأحزاب – غارقة في مشاحناتها، فيما المساعدات الدولية التي من شأنها إعادة تمويل الاقتصاد اللبناني مشروطة بالإصلاحات.
ووفق هذه المعطيات، فمن المرجح أن يتضاعف الاحتقان الشعبي، طالما أن المخرج من الأزمة مرتبط بحلحلة قضايا خارجية – وفق عدد من المراقبين – على رأسها المفاوضات المتوقعة بين طهران وواشنطن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى