مفهوم «اليسارية الإسلامية» يثير الجدل في فرنسا

علي حمدان-
أثارت الحكومة الفرنسية الجدل خلال الأيام القليلة الماضية بعد إعلانها عن نيتها إطلاق تحقيق حول تأثير الدراسات الأكاديمية في جامعات البلاد على اليسار السياسي المتعاطف مع الأقليات عموماً والمسلمين خصوصاً.
«اليسار الإسلامي» هو التعبير الذي أضحى شائعاً في فرنسا لوصف اليسار السياسي المناهض للتمييز العنصري بكافة أشكاله، والذي يرى فيه البعض منتجاً أميركياً تم استيراده إلى جامعات باريس وأوروبا عموماً. استخدام التعبير من قبل وزراء فرنسيين أثار الغضب في باريس، لا سيما بين الأكاديميين والصحفيين والساسة اليساريين، بحسب بوليتيكو الأميركية.
في هذا السياق صرحت وزيرة التعليم العالي الفرنسية فريدريك فيدال في مقابلة مع قناة سي نيوز يوم الأحد الماضي عن إمكانية طلبها من المركز الوطني للبحوث العلمية التحقيق في مفهوم اليسار الإسلامي «للتمكن من التمييز بين البحث الأكاديمي الموضوعي والغير منحاز، وحملات المناصرة والآراء المبنية على معطيات متطرفة وغير شاملة».
القضية أثارت حفيظة نواب المعارضة الذين وجهوا انتقادات للحكومة في جلسة الثلاثاء البرلمانية. «ألا يمكنكم القيام بشيء أفضل من إطلاق الحملات والعمل البوليسي الهادف إلى فرض الرقابة الفكرية؟»، تساءلت بينيديكت تورين، النائبة في البرلمان الفرنسي، خلال مداخلة توجهت من خلالها للوزيرة فيدال.
في معرض الرد قالت فيدال بأن بعض الأكاديميين يزعمون منعهم من إجراء الأبحاث، مشيرة الى المسؤولية الملقاة على عاتقها للتحقيق في ذلك.
لم تقم فيدال باستخدام مفهوم اليسار الإسلامي خلال ردها، كما لم تقدم أدلة أو أمثلة عن حالات لدعم حديثها حول ظاهرة منع أكاديميين من إجراء أبحاثهم.
تصريحات الوزيرة الفرنسية أثارت حنق بعض الأكاديميين في فرنسا. «على هذه الوزيرة الرحيل فوراً، لقد تخطت فيدال يمينية مارين لوبان بمراحل»، يقول الإقتصادي والأكاديمي اليساري توماس بيكيتي، في تغريدةٍ له حول إدلاءات فيدال.
صحيفة لوموند الفرنسية أكدت بأن مصطلح «اليسارية الإسلامية» استخدم للمرة الأولى في العام 2002 من قبل عالم الإجتماع بيير أندري تاغوف الذي أكد فيما بعد على حرف المفهوم عن مضمونه الأساسي. وبحسب تاغوف، فإن اليسارية الإسلامية هي التطابق من حيث الشكل بين التطرف الإسلامي والتطرف اليساري.
في هذا الصدد، تشير إلسولي فينتي كواترو أوري الإيطالية بأن جون ميشيل بلونكي، وزير التربية الفرنسي، كان قد استخدم التعبير في أكتوبر الماضي لوصف ذهنية الناشطين والمتمردين المشابهة لما أسماه «الإرهاب الإسلامي».
«أعتقد بأن اليسارية الإسلامية تعمي أنظار مجتمعنا، والجامعات هي جزء من المجتمع الفرنسي»، قالت الوزيرة فيدال في تصريحاتها الأحد الماضي.
جون بير إيل كاباش، الصحفي الفرنسي المخضرم علق على كلام الوزيرة قائلاً بأنه «ثمة نوعٌ من التحالف بين فكر ماوتسي تونغ وآية الله الخميني في فرنسا»، لتجيبه الوزيرة بالتوكيد.
من جهته عبر مؤتمر رؤساء الجامعات الفرنسية عن استغرابه من تكليف المركز الوطني للبحوث والدراسات بهكذا نوع من الأبحاث التي وصفها بالفاقدة لأي أرضية علمية وأيديولوجية، مشيراً في بيانٍ صادر عنه قبل يومين بأن اليسارية الإسلامية ليست مفهوماً، بل وهماً نحاول أن نبحث عن تعريف علمي له.