تقارير

آبي أحمد يحكم قبضته الأمنية على إثيوبيا.. تمهيداً للانتخابات

علي حمدان –

انتظر الأطباء خروج بيكيلي جيربا، المعارض الإثيوبي البارز، لساعتين أمام سجن كاليتي في أديس بعد تعرضه لوعكة صحية خلف القضبان استلزمت نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج.

جيربا الستّيني، والشهير جاوار محمد هما أبرز المعتقلين السياسيين، من بين مجموعة مكونة من 20 معارضاً، أعلنوا الإضراب عن الطعام منذ ثلاثة أسابيع، للضغط على الحكومة الأثيوبية من أجل إطلاق سراحهم.

بعد سلسلة اتصالات وطول انتظار، قامت إدارة السجن بإعلام الفريق الطبي أن جيربا الذي يعاني من ارتفاعاً حاداً بضغط الدم، لن يخرج للذهاب إلى المستشفى.

«لم يسمحوا لنا بتطبيبه وتقديم الإسعافات الأولية له داخل السجن حتى»، تقول الدكتورة إيليلي جمال، التي أكدت بأن الأمر ببقائه في زنزانته صدر عن جهات حكومية رفيعة المستوى، بحسب الغارديان البريطانية.

إهمال طبي

بعد أربعة أيام على الحادثة أصدرت شرطة أديس أبابا إذناً لبيكيلي بالذهاب إلى مستشفاً خاص للعلاج، لكنهم لم يسمحوا لعائلته باصطحابه إلى أي مكان، بل قاموا بإجباره على الذهاب إلى مركز طبي عسكري. إيليلي، الطبيبة والناشطة السياسية التي رافقته في رحلته القصيرة تعرضت للإحتجاز لبعض الوقت هي الأخرى، قبل أن يتم إطلاق سراحها وإعادة بيكيلي إلى زنزانته دون تلقيه للعلاج اللازم، بحسب ما أكدته للصحيفة.

ينتمي كل من بيكيلي وجاوار للحزب الوطني الشعبي، ويواجه المعارضين البارزين تهماً بالإرهاب والتحريض على الاحتجاجات العنفية، لاسيما عقب مقتل موسيقي تابع لحزبهم في يونيو من الصيف الماضي.

شكلت حادثة اغتيال الموسيقي واعتقال الناشطين السياسيين المعارضين نقطة تحول في المرحلة السياسية الانتقالية التي ولجتها أثيوبيا مع تعيين آبي أحمد كرئيس حكومة أديس أبابا في العام 2018.

استبشر كثر خيراً بأحمد وتأملوا بقدرته على العبور بالبلاد نحو الديمقراطية، لكنه سرعان ما انزلق إلى احتراب أهلي في إقليم تجراي الشمالي، وعزز النزاعات القبلية المسلحة كما شدد في الأشهر الأخيرة القبضة السلطوية القمعية في البلاد.

يرفض حزب آبي الحاكم وصف المعتقلين المعارضين بالمعتقلين السياسيين، فحزب الازدهار الحاكم يتهم هؤلاء بإذكاء الفتنة، ويحملهم مسؤولية العنف الذي أدى إلى مقتل أكثر من 100 إثيوبي في الصيف الماضي، بناءً على تقارير صادرة عن مجلس حقوق الإنسان التابع لحكومة أديس أبابا، والذي يزعم بأن جل هؤلاء سقطوا خلال أعمال احتجاجية تحولت إلى شغب.

«المئات من المواطنين الإثيوبيين تأثروا بالعنف الذي دعى إليه هؤلاء المعتقلين، علينا أن نفرق بين الاحتجاجات السلمية والقانونية، وبين الخطاب الحاد والمعسكر والعنفي الذي أفضى إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف المواطنين»، يقول جدعون تيموتيوس، المدعي الإثيوبي العام.

من بين المعتقلين في السجون الإثيوبية صحفيون وأصحاب رأي من كافة الأطياف، من بينهم اسكندر نيغا، الذي يحظى بشعبية واسعة في أديس أبابا.

تحضير للانتخابات

في هذا السياق، يرى المعتقلون بأن احتجازهم يهدف إلى تقويض حركتهم قبيل الإنتخابات في يونيو المقبل.

«يمكنك معرفة نوايا الحكومة من خلال التدقيق في التهم الموجهة للمعتقلين السياسيين والصحفيين. إنها محاكمة سياسية من قبل حزب الازدهار الحاكم لسحق معارضيه»، يقول إيبسا جيميدا، أحد المحامين المدافعين عن المعتقلين المعارضين. الحكومة الإثيوبية قامت باعتقال أحد محامي الدفاع في الأول من فبراير الجاري، ومنعت أفراد أسرته وصحفيين وناشطين من حضور جلسة المحاكمة المخصصة للاستماع إليه فيما بعد.

«على السلطات إطلاق سراح المعتقلين المعارضين فوراً، وتأمين العناية الطبية اللازمة لهم والتوقف عن مضايقة أقاربهم وأفراد عائلاتهم ومناصريهم»، تقول ليتيسيا بادر، مديرة هيومن رايتس ووتش في القرن الإفريقي، والتي وصفت الاعتقالات والتحقيقات الجارية في أديس أبابا بالانتهاكات.

في أغسطس الماضي شكا جاوار من تدهور حالته الصحية في السجن، إلا أن الحكومة اتهمته بالتظاهر بذلك من أجل اجتذاب المناصرين.

في وقتٍ لاحق، اضطرت السلطات الإثيوبية إلى منح جاوار وأربعة سجناء آخرين أذونات لتلقي العلاج في عيادات اختاروها بأنفسهم، بعد تمكن محامي الدفاع من الاستحصال عليها لدواعٍ أمنية، تمنعهم من التطبب في المشافي العسكرية.

إضراب عن الطعام

في أواخر يناير الماضي أعلن المعتقلون إضرابهم عن الطعام بالتزامن مع تظاهرات متفرقة في أنحاء البلاد دعماً لهم، وبناءً على تقارير صادرة عن أطبائهم، فإن جاوار وبيكيلي، المعارضين الإثيوبيين البارزين، يعانيان من أعراض كلوية، كما تؤكد مصادر الغارديان انهيار أربعة من زملائهم في الأسبوع الماضي، حيث تم نقلهم إلى المشافي.

«على السلطات السماح للأطباء الاعتناء بهم عن كثب من أجل عدم تعرضهم لمشاكل صحية مستعصية، كما يجب على حكومة إثيوبيا الاستماع إلى مطالبهم وتلبيتها»، يقول الحقوقي الإثيوبي دانيل بيكيلي.

يعرب كثر عن مخاوفهم من خروج الأمور عن السيطرة في أديس أبابا، عند وفاة أحد المعارضين داخل سجون آبي أحمد.

«تداعيات ذلك ستكون ضخمة ووخيمة، آمل بأن تقوم الحكومة بمراجعة نفسها وقراراتها من خلال مد يدها للمعارضة وتحرير قادتها المعتقلين»، يقول بهار عمر، الحقوقي الإثيوبي المقيم في الولايات المتحدة الأميركية.

في سياق آخر، تقول الطبيبة التي قابلت المعارضين خلال زيارتهما الأخيرة إلى المستشفى، بأنهما يبديان صلابة وتمسكاً باستمرارهم في إضرابهم عن الطعام حتى النهاية.

«هم على علم بتداعيات ما يقومون به وهم يصرون على إكمال ما بدأوه حتى آخر دقيقة»، تقول إيليلي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى